الاثنين، 29 ديسمبر 2008


رسالة إلى بابا نويل
يمكن أكون كبيرة شوي عكتابة رسالة إلى بابا نويل بس مش عارفة ليش صدقت دايما انه موجود مع إني لم أكتب إليه من قبل. اسمحولي أقدم لكم نفسي أنا فتاة، فتاة كبيرة حتى ولكن هذا لا يعني إني عجوز، عمري ثلاثة عشرة سنوات. أنا ليُونية آسفة قصدي سكنت ليون من فترة قصيرة وهذا شيء مختلف لأنني علمت أنّ الليونيين باردون وانا لست كذلك أبداً. بدأت قصتي مع بابا نويل من زمان وأعترف أنّني كرهته كثيراً عندما علمت من أمي أنّه لم يفكر في زيارتنا أبداً. زيارتنا احنا، احنا الفقراء، لا احنا مش فقراء. قصدي احنا سكان الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، بلكي بحياتك ما سمعت عنا؟ إذا هيك ماشي الحال بس لو كنت عارف إنّا موجودين و ما جيت تشوفنا فهيذي قصة ثانية و بحياتي ماراح أقدر أسامحك. بس بكل الحالات ما بعتقد، بيقولو عنك شخص حباب و شفتك كمان عالتلفزيون مبين قلبك كبير، ايييه لما كان في كهربا. هلأ مع السور الكبير المحاوطنا والمحلات الفاضية ما بنفكر لا بتلفزيون ولا ببطيخ بنفكر بس نهرب، نهرب وين؟ هيذا السؤال اللي بسمعو يتردد بكل زوايا الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط. انت شخص مميز بابا نويل دايما محاط بالولاد الصغار بس احنا هون عندنا الولاد الصغار محاطين بدبابات ورشاشات، بلكي بتفكر انها لعب، صح هي مع الوقت بتصير لعبة بالنسبة إلنا بس مو لعبة شوي خطرة على الولاد اللي بسننا؟
عارفة أنا كثير برغي.باختصار الكلّ الجيران و الأصدقاء طلبوا مني أكتبلك رسالة بما أني الوحيدة اللي بعرف أكتب فرنسي، طبعا احنا مو جهلة بس انك تتعلم فرنسي وين وُلدت أنا شغلة مو سهلة إذا مع اللهاجات مو مخلصين ضف إلى هيذا الانجليزي كثيرهيك مو؟ والمصيبة كمان إنّو مكان ولادتي مو مكان عادي وبتركك أنت لحالك تخمن بعرفك مثقف ممكن اسمعت في يوم من الأيام عن بلد له اسمين. بلكي الصدفة و بلكي القدر هو اللي خلى أمي تكون فرانكوفونية وأحددّ فرنكوفونية مو فرنسية مشان هيك عم باكتب فرنسي فراكوفوني ولهيذا السبب راح تلاقي كثير أخطاء برسالتي، أمي الله يذكرها بالخير كانت تقول اللغة الفرنسية غربتي مع أنه ما بتعرف غيرها لغة ليش؟ الله أعلم. المهم أنا والأصدقاء والجيران حضرنا لك قائمة طويلة بالهدايا اللي بدنا ياها. لكن بعد مفاوضات خجلنا منك الصراحة ولأنّنا بنفكر بغيرنا وما كنا أنانيين قلّصنا حجم طلباتنا وصار عندنا بس طلب واحد هو "حق الحياة" مشان نسهل عليك المهمة
شكرا بابا نويل لطولة بالك
إمضاء أولاد الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط.

ترجمة بن موسى ماحي حسيبة.

Une lettre à Papa Noël

Peut-être je suis trop grande pour écrire une lettre à « Papa Noël », mais je ne sais pas pourquoi j’ai toujours cru en lui et pourtant je ne lui ai jamais adressé une lettre. Permettez-moi de me présenter. Je suis une fille, bon une grande fille même mais cela ne veut pas dire que je suis vieille, j’ai treize ans. Je suis lyonnaise, je veux dire j’habite Lyon ça fait un petit moment et ça c’est différent, car on m’a dit une fois que les lyonnais sont froids alors que je ne le suis pas du tout. Mon histoire avec vous « Papa Noël » a commencé depuis longtemps et j’avoue qu’au départ je vous ai trop détesté parce que d’après Maman vous n’avez pas pensé à nous rendre visite. Nous, je veux dire les pauvres, non pas les pauvres quand même on n’est pas pauvres !!! Nous, je veux dire les habitants de l’autre rive de la méditerranée, peut-être que vous n’avez jamais entendu parler de nous, qui sait, peut-être !!! Sinon je ne vous pardonnerez jamais, si vous savez qu’on existe et vous nous ignorez, ça c’est une autre histoire mais de toute façon je ne pense pas, car on dit que vous êtes un homme gentil. En plus vous avez un grand cœur, je vous ai vu à la télé, bon quand il y’avait l’électricité maintenant avec le mur géant et les magasins qui sont vides, on ne pense qu’à fuir mais fuir pour aller où c’est ça la question que j’entends souvent. Vous êtes bien « Papa Noël » et toujours entouré par des enfants, c’est génial sauf que chez nous les enfants sont entourés par des bulldozers et par des fusils !!! Oui vous pouvez pensez que c’est des jouets, vous avez raison pour nous avec le temps ça devient un jeu mais un petit peu dangereux pour notre âge
Je pense que je bavarde trop. Bref, j’ai promis les copains et les voisins de vous écrire comme je suis la seule qui peut écrire en français, allons quand même on n’est pas des ignorants mais apprendre le français où je suis née ce n’est pas évident, déjà avec toutes les langues et les dialectes on s’en sort pas, plus l’anglais ça fait beaucoup. En effet, il ne faut pas oublier que je suis née dans un lieu spécial et je vous laisse deviner, je sais que vous êtes cultivé. C’est peut-être le hasard ou le destin, je ne sais pas, qui a fait que je suis d’une mère francophone, je précise francophone pas française et du coup j’écris en français francophone c’est pourquoi vous allez trouvez beaucoup de fautes. L’essentiel les copains et voisins et moi-même on vous a préparé une très longue liste de cadeaux. Mais après des négociations, on a eu honte et parce qu’on pense aussi aux autres (il ne faut pas être égoïste) on a réduit notre liste à un seul cadeau qui est le droit de vivre pour faciliter votre tâche

Merci « Papa Noël » de votre patience

Signé Les Enfants de l’autre Rive de La Méditerranée

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2008




"رحمة" في المملكة العربية السعودية
تشير الأخبار الآتية من المملكة العربية السعودية يوماً بعد يوم إلى التحرك الملحوظ التي تشهده كل الجوانب الحياتية للمجتمع السعودي، فبعد أن صنع الحدث السينما والراب وموضوع تحرير المرأة، جاء دور الإعلانات التي بدأت تشهد تحركا جديدا في أواسط تشرين الثاني وهي تستحق الإشارة إليها.
"رحمة" هو اسم الحملة الإعلانية التي قامت بإعدادها وكالة الإعلانات السعودية "فُول ستوب" التي يترأسها قصورة الخطيب. قامت هذه الوكالة بإخراج ثلاث حملات تلفزيونية وثلاث ملصقات إعلانية وهذا بهدف إطلاع الرأي المحلي على ما يتعرض له المهاجرين العاملين بالمملكة من سوء المعاملة ووصلت تكلفة الإنتاج إلى مليون ونصف دولار منحها رجل أعمال من المنطقة للوكالة رفض الكشف عن اسمه.
حتى ولو لم تكن المعاملة السيئة في جميع الحالات هي المسيطرة فإنّ هذه الظاهرة لا تمس فقط المملكة العربية السعودية وإنما تنتشر في العديد من الدول العربية و حسب تقرير ل"هيومن رايت واتش" الصادر في حزيران الماضي فإنّ 22,5 مليون سعودي يستقبلون حوالي 5,6 مليون عامل مهاجر من بينهم 1,5 مليون من الخادمات من أندنوسيا وسريلانكا والفيليبين . ( أرقام مأخوذة عن "وكأني لست إنسانا").
الصور المرفقة مع المقال تحمل شعارات مؤثرة فبينها تقول الصورة الأولى "من لا يَرحمُ لا يُرحم" وهي تخاطب مشاعر المستغلين تترك الصورة الثانية المجال للضحية رمزيا لتعبّر عن نفسها فتقول "لا تجردني إنسانيتي".
لم تكن الإعلانات المصورة أقل تعبيراً من الصور وربما كانت ألذع.
قالت بعض الصحف المحلية أنّ الصور مروّعة جداً ولم تتقبلها فيما تصاعدت أصوات تنادي بالاعتراض على هذه الحملة معتبرة إياّها إهانة للشعب السعودي. ونفس الشيء حصل مع الإعلانات المصورة فلم تبثها القنوات الرسمية للمملكة ولكن بعض القنوات الخاصة عرضتها ك MBC وروتانا كما قامت "الحياة" أحد أهم الصحف العربية بلندن ذات رأس المال السعودي بمواصلة الحملة التي جمعت حوالي 3000 عضو على "الفايس بوك" من مؤيدي رسالة الحملة الإعلانية.
تتحرك الأمور داخل المملكة العربية السعودية، فكم من مجتمع يقبل أن يعطي هذه الصورة السوداء عنه حتى ولو كان في إطار حملة من هذا النوع؟ كان قصورة الخطيب المدير العام ل"فول ستوب" ، الذي لا يفوت فرصة للتأكيد على أهمية الاعتماد على المعلنين المحليين لمعالجة المشاكل الحقيقية للبلد،على حق عندما أكدّ على الأبعاد السياسية الذي ترافق "رحمة" باعتبارها أوّل حملة من هذا النوع في البلد. قصورة يقول "أصبح مجتمعنا ناضجا أكثر ويحاول أن يدرس مشاكله بوعي أكبر ولم أكن أستطيع أن أقوم بهذه الحملة قبل ست سنوات".


لمن يريد قراءة المقال الاصلي باللغة الفرنسية يُرجى الضغط على هذا الرابط


ترجمة بن موسى ماحي حسيبة.

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008


الاجتياح ولكن ليس على القنوات العربية
بشكل ملفت للانتباه، مُنحَت جائزة مهرجان إيمي الخاصة بقسم المسلسلات المُقَام بنيويورك لمسلسل عربي هو" الاجتياح" و هو يعُدُّ اختياراً مفاجئاً فلا يمكن تخيل أنّ أحد أهم الجوائز العالمية المخصصة للإنتاج التلفزيوني وفي أوّل سنة من فتح قسم المسلسلات قد تعود إلى عمل قادم العالم العربي إضافة إلى تناول السيناريو لموضوع من أكثر المواضيع الساخنة.
يتحدث السيناريو عن معارك مخيم جنين في الضفة الغربية. تحت الإدارة الفلسطينية وبموجب اتفاقية أوسلو، احتلت القوات الإسرائيلية جنين ودمّرت تقريبا كل المخيم عام 2002 في إطار عملية "الذرع الواقي". أثارت أساليب قوات الدفاع الإسرائيلية إشكالية كبيرة، فقد نعت صحفي إسرائيلي مُحترم هو آمون كابليوك (الذي سبق وحقّق في مجزرة صبرا وشاتيلا) العملية ب"جريمة حرب".
مثل معظم الإنتاجات التي من هذا النوع، ضم "الاجتياح" مواهباً من كلّ أنحاء العالم العربي فالممثلون هم سوريون و فلسطينيون و خصوصاً أردنيون: صبا مبارك و عباس النوري ومنذر رياحنة وآخرين. كاتب السيناريو هو رياض سيف سوري من أصل فلسطيني و الذي وقف وراء الكاميرا هو التونسي شوقي الماجري الذي ذاع صيته بفضل عدة أعمال ناجحة من بينها "اسمهان" وأمّا مكان التصوير فهي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المحيطة بدمشق، كما قام الجيش السوري بإعارتهم الآليات!
أنتج المسلسل المركز العربي للإنتاج الفني وهي شركة أردنية خاصة (الأكبر من نوعها في العالم العربي) ولقد شدت هذه الشركة التي يديرها طلال عوامله الانتباه عام2004 بفضل إنتاجها ل"الطريق إلى كابول" مسلسل سياسي صوّر حرب أفغانستان أيام الاحتلال السفياتي. ولقد بث كلٌّ من قطر وعدد من القنوات العربية من بينها MBC هذا العمل قبل أن يتم إيقافه بصورة مفاجئة ودون ذكر أية أسباب مقنعة.
يقدم لنا موقع "الاجتياح"على الأنترنت الذي يعرض بعض اللقطات من المسلسل، ملخص السيناريو. ولقد صُورَ هذا العمل على طريقة المسلسلات الأمريكية مثل "إسعافات" و تتشابك فيه أقدار شخصيات تكون بعضها اشتهرت عن طريق وسائل الإعلام التي غطت الحدث: خالد أستاذ وأمجد معتقل ومصطفى مطلوب هارب وحنان ممرضة وسعيد مصوّر مستعدٌ للمغامرة بحياته ليحصل على التقرير الصحفي الذي سيمكنه من الزواج من حبيبته إذا هو استطاع بيعه.ولم يتردد المسلسل في عرض قصة الحب التي جمعت مصطفى الفلسطيني ويائيل الإسرائيلية حتى يتمكن العمل من تخطي كلّ الأكليشيهات السياسية ويصل إلى تقديم البعد الإنساني لهذه الدراما.
بالرغم من ردّ المنتج و الصحافة صعوبة تسويق المسلسل إلى أسباب سياسية إلاّ أنّه لا يُستبعد أن تكون قصة الحب هذه هي التي أزعجت المبرمجين المحليين وبناءً على ذلك اعترضوا على بثه ( وليس مُستبعداً أن يكون هذا هو نفس السبب الذي جعل لجنة إيمي تُرشح المسلسل). ومهما كانت الأسباب وتفاصيل التسويق، فطلال عوامله لم يكن يجهل المغامرة التي خاض غمارها. فرغم الميزانية الضخمة التي كانت تحت تصرف المسلسل (ثلاثة ملايين دولار، وأحياناً استعمال لبعض المقاطع ثمان كاميرات في نفس الوقت طوالَ مدة التصوير التي دامت ستة أشهر)، "الاجتياح" الحاصل على جائزة إيمي لم يُبَث إلى حد الآن إلاّ على قناة LBCاللبنانية خلال شهر رمضان2007 (وبعدها بثته التلفزة الليبية).
نلاحظ أنّ تعددُ القنوات العربية ليس كافياً لتأمين تنوع البرامج. لكن ربما غيّرت المعطيات الجديدة بفضل مهرجان إيمي واستطاع المشاهد العربي أن يشاهد بنفسه المسلسل ويكوّن فكرته الخاصة عنه.

لمن يريد قراءة المقال الاصلي باللغة الفرنسية يُرجى الضغط على هذا الرابط

ترجمة بن موسى ماحي حسيبة

الاثنين، 24 نوفمبر 2008


"مدينة"، استحالة تطبيع الوجدان العربي
تعود مسألة مقاطعة الفنانين العرب ورفضهم التطبيع مع اسرائيل كثيرا في هذا الموقع. مضى أقل من سنة على موضوع نُشر هنا أيضا تحدث عن مشاكل أثارها بثُ عملين. كان من الممكن أن يُشرَح منطق هذه المقاطعة بدلاً من تبرير إقصاء فيلم "زيارة الفرقة الموسيقية"، حتى ولو أسفنا على عدم عرضه نظراً لقيمته الفنية. أمّا الفيلم الثاني فهو سلطة بلدي أو بالأحرى وثائقي صُورَ بطريقة رائعة ويحكي العمل قصة عائلة (مسلمة و مسيحية ويهودية) من ناشطين اليسار المصري وكان من بين ميزاته أنّه استطاع أن يُبرزَ صعوبة سؤال لا وجود لجواب بسيط له.
نكتشف حاليا على الصفحات الثقافية لليومية اللبنانية "الأخبار" جدلاً يدور حول نفس الموضوع وسببه هذه المرة أحد منشورات كوما بريس وهي دار نشر بريطانية لا تبحث عن المكسب التجاري بقدر ما تسعى إلى تحريك الآداب الجديدة. في مجموعة عن المدينة، نشرت جمانة حداد "مدينة، قصص مدن من الشرق الأوسط"، انطولوجيا ذُكرتَ فيها تل أبيب بقلم الكاتب الإسرائيلي يتزهار لاور. ولقد ضم الكتاب تسعة نصوص متَرجمة من اللغة العربية (وواحدة من اللغة التركية) تحدثت عن بغداد و بيروت و عمان و الرياض و اللاذقية و الإسكندرية ...الخ.
لقد أثار هذا التقارب (إذا كان بالمعنى الحقيقي للكلمة أو المجازي) غضب الشاعر الفلسطيني نجوان درويش. وتحت عنوان "تسرب إسرائيلي داخل اللاشعور العربي" تساءل هذا الشاعر، الذي يشارك بمقالاته بشكل منتظم على صفحات "الأخبار" ، عن السبب الذي دفع بالكُتاب العرب إلى المشاركة في هذه الانطولوجيا التي تضع تل أبيب بين المدن العربية وأولهم الناشرة. يرى الشاعر أنّ مواقف الكاتب الإسرائيلي ضد الاحتلال هي حجة للتطبيع الزاحف وكأنّه من الطبيعي جداً أن يُذكَر اسم مدينة بُنيَت على أنقاض المدن العربية التي دُمرَت عام1948.
سواء قبلنا أو رفضنا، إنّ الانطولوجيا التي تنسقها جمانة حداد تخفي وراءها حسب الشاعر نظرة خاصة حول "الشرق الأوسط الجديد" الذي هو من صُنع السياسة الخارجية الأمريكية أين يجد أي كاتب مثل يتزهار لاور مكانه طبعاً...
وقبل أن تبدأ ردود الفعل وهذا بسبب نشر الانطولوجيا، رافق تقديم هذا الكتاب نص باللغة العربية و الانجليزية كتبها الناشر على موقعه حيث أشار أنّ فكرة إدراج قصة الكاتب الإسرائيلي ضمن قصص الانطولوجيا هي فكرته بالأساس وأنّ المنسقة اللبنانية للكتاب رفضت بشدة هذا الاقتراح قبل أن تقتنع بأنّ هذا الكاتب من أكثر الكُتاب المناهضين للسياسية الإسرائيلية وأنّ العديد من المنضمات الفلسطينية أيّدت انضمامه لكُتَاب الانطولوجيا وأبرزها الصوت الفلسطيني لهذا الكتاب علاء حليل.
من جهته استطاع هذا الكاتب الشاب المولود في الخليل أن يعبّر عن وجهة نظره إلى جانب نجوان درويش على أعمدة "الأخبار" حيث دافع في مقالاته عن فكرة أنّ يتزهار لاور هو أكثر من صهيوني يساري و كونه يهودي هذا لا يمنعه من مشاركة الفلسطينيين في معركتهم. فمن العار أن نرفض كاتباً نُشرَ أكثر من مرة في الكرمل وهي المجلة الأدبية التي كان يديرها محمود درويش و نمنعه من حقه في الظهور في هذه الانطولوجيا حتى ولو كان يتحدث عن تل أبيب التي بُنيَت على أنقاض عربية.
استمر الجدل على صفحات نفس اليومية وهذه المرة عن طريق جواب طويل كتبه لاور رداً على نجوان درويش. يفتتح الشاعر الإسرائيلي نصه بتساؤل إذا ما كان رفض التطبيع يشكّل خطراً على الشيء الطبيعي بحد ذاته وبعدها انتقد معارضه الفلسطيني الذي لم ترق له الانطولوجيا التي تضم تل أبيب إلى الوجدان العربي. و يتابع لاور أنّه عندما درس الجغرافيا لم يعرف شيئا عن هذا الوجدان ولا عن الوجدان السوري أو اليهودي! ويتساءل أيضا إذا كان عدم ذكر تل أبيب سيلغيها من الخريطة. ويقول لاور أنّ أحد مآسي الاحتلال أن يصبح شاعر كنجوان درويش أعمى بسبب الألم و يتمنى أن تصيب أخيه نفس المأساة. يواصل الشاعر الإسرائيلي أفكاره ويعتبرُ النقد الموجه إلى الانطولوجيا إنّما هو مسحه هو ومن يفكر مثله من على الوجود واستحضارهم فقط عندما يخدم وجودهم القضية الفلسطينية وهذا معناه وجود خطابين داخل المجتمع العربي : أولهما التحدث عن دولة واحدة (ديمقراطية و علمانية و كلّ الأشياء الجميلة) بدون ذكر هوية هؤلاء الذين يدافعون عنها، و ثانيهما هو هذا الذي يدّعي باسمه شاعر مثل نجوان درويش أنّه لا وجود يهودي في منطقة الشرق الأوسط.
يؤكد الشاعر الإسرائيلي أنّ هذه التوصيفات هي نتيجة لصدمة وهذا لا يعتبرُ أدباً وحتى لا يمكنه أن يساعد على خوض معركة ويذهب إلى القول أنّ موقف نجوان درويش يساهم في فظاعة الاحتلال لأنّ هذا يعني أنّ تل أبيب موجودة ولمن ليس في أنفسنا وهذه ليست طريقة جدية في المقاومة. ولو قرأ نجوان درويش القصة المنشورة في هذه الانطولوجيا لكان لاحظ أنّ الشاعر الإسرائيلي يشبّه تل أبيب بثكنة كبيرة مليئة بالجنود المرضى.
شارك رئيس الصفحة الثقافية في "الأخبار" بيار أبي صعب أيضا في الجدل وأشار إلى أنّ الشاعر الإسرائيلي في رده يساوي بين الوجدان العربي والوجدان اليهودي بكلمات أخرى هو يساوي بين هوية وطنية وهوية دينية. يلوم لاور معارضهُ لعدم تركه جانباً هويته كما يفعل هو ولا يأخذ بعين الاعتبار الوضع الخاص بشعب مستعمر تحت وطأة الاحتلال. فهو لا يفهم أنّ رفض وجود تل أبيب بين المدن العربية ليس إقصاءً عنصرياً لليهود ولكنه رفضٌ لسياسة تريد أن تجعل من التواجد اليهودي شيئا طبيعياً.
اعترف بيار أبي صعب بأنّ بالنسبة للاور، نجوان درويش يتصرف كمتشدّد كمنطوي على نفسه بينما هو استطاع أن يتخطى حدود انتمائه. ولكن هذا التخطي يجب أن يجعله يفهم الآخر وأنّ لا يقوم بإعطائه مواعظ. فليواصل كتابته عن الظلم في انتظار اليوم الذي يمكن للجميع أن يكتبوا على قدم المساواة عن مدنهم بصفتهم مواطنين عاديين ولا تفرقهم بحور دماء.
حاولنا من خلال هذا الموقع على قدر المستطاع أن نقدم تبادلاً يكاد يكون شبه مستحيل. فالألم كما يقول لاور موجود ولكن نلاحظ أيضاً إذا ما تمَعَّنَا فيما كُتبَ أنّ وما تحمله في لغة أو في أخرى لا تسمح بالتواصل. يمكن أن نضحك من هذا الوجدان العربي الذي ينبثق من لغة (عاطفية أكثر من كونها تحليلية) والتي استعملها نجوان درويش والتي يرفضها الكاتب الإسرائيلي.
يجب أن ننوه أنّ هذا الجدل جاء على صفحات "الأخبار" يومية لبنانية قريبة من حزب الله وبدون أدنى شك هي ليست بعيدة عن قناة المنار التي منعت ألمانيا بثها في الفنادق و عدداً من الأماكن العامة!
منعٌ يمكن أن يمنح دوافع للمواقف الشجاعة لمعارضٌ شديد كالإسرائيلي لاور. وفيما يلي مقدمة كتبها لكتاب نُشرَ عام 2007 عن دار نشر لافابريك.
"رغم شكاويها من عَداء وسائل الإعلام لها، إلاّ أنّ إسرائيل لها تقدير في أوربا. الإسرائيليون ليسوا فقط موجودين في الذاكرة الجماعية الغربية ولكن الغرب تعوّد على اعتبارنا كجزء منه على الأقل عندما نكون هنا بينهم أمّا في الشرق الأوسط فينظر إلينا كنسخة عن الأقدام السوداء. هذا التعريف مع صيغة "نحن" يتماشى بشكل أفضل مع ثقافة المحرقة وبهذا نمنح الأوربي الجديد، في سياق نهاية العالم، رواية أجمل عن هويته أمام ماضيه الاستعماري وحاضره ما بعد الاستعمار. خوفاً من مد هجرة المسلمين الشرعية والسرية تبنى هذا الأوربي اليهودي الجديد كآخر غير مضر، عصري وصديق للتطور بدون لحية و شعر مجعد وامرأته لا تلبس ثوباً تقليديا ولا تغطي شعرها. من حسن الحظ أنّ هؤلاء اليهود الجدد لا يشبهون أجدادهم. باختصار هذا الآخر الودود يشبهني" الأنا" الأوربي المُعَادي لكلّ من لا يشبه والذي لا يلبس مثله والذي لا يعتنق نفس مبادئه."
لمن يريد قراءة المقال الاصلي باللغة الفرنسية يُرجى الضغط على هذا الرابط
ترجمة بن موسى ماحي حسيبة.

الاثنين، 21 يوليو 2008


السينما المصرية، حسن ومرقص بدون كوهين

منذ ثلاثة عقود تقريبا و"الزعيم" الشخصية التي يجسدها الممثل عادل إمام تطغى بلا منازع على خشبات المسرح و خاصة على الشاشات العربية. يمكن أن نعتقد أنّه بفضل هذه الشهرة فلا داعي لتقديم الولاء لأوّل الرؤساء و الزعماء ألا هو حسني مبارك...مع أنّ!
ورد في "الأخبار" بقلم محمد خير و أيضا وائل عبد الفتاح أنّ عادل إمام يقوم بعكس ما كان يطمح إليه في بداياته عندما كان حلمه مساعدة الفقراء و الكادحين "لأنّني أردت أن أكون بطلا خادما لوطنه وأنا دائما أنحاز للناس الغلابة لأنّني من هذه الطبقة"، ها هو الآن ينضم بدون تردد إلى مساندة النظام مؤيدا فكرة انتقال الحكم الجمهوري وراثيا إلى ابن الرئيس الحالي.
ما يجعل من الإلتزام السياسي للنجم موضوع الساعة هو عرض فيلم "حسن ومرقص" في الصالات مع حلول موسم الصيف الذي يُعَدُ من أحسن فترات السينما في مصر، و لقد أنتج الفيلم شركة انتاج ضخمة ذات اسم محلي "قود نيوز فور مي".
تكلفة الفيلم من أكبر الميزانيات كما كان الحال بالنسبة ل "عمارة يعقوبيان" الذي أنتجته نفس الشركة التي موّلت الحدث السينمائي الآخر لهذه السنة "ليلة البيبي دول" الذي أخرجه ابن الممثل. تجدر الإشارة إلى أنّ النجاح كان متوقعا لأنّ الفيلم ضم ولأوّل مرة النجمين الأكثر شهرة على الساحة الفنية هما عادل إمام و عمر شريف.
ويقوم الممثلان بالدورين الأساسين في الفيلم( هذا لم يمنع أن يسحب النجم المتألق عادل أمام البساط من تحت رجلي شريكه بالفيلم): حسن (عادل إمام) قسّ مسيحي يضطر إلى تقمص شخصية مسلم حتى يهرب من تهديدات المتشددين من طائفته، ومرقص (عمر شريف) مسلم معتدل يضطر هو الآخر ولنفس الأسباب إلى التحول إلى مفكر مسيحي ليبرالي.
تتسبب هذه الهويات المستعارة بطبيعة الحال في الكثير من المواقف الطريفة و لكن هذا لم يضر محتوى الرسالة السياسية للفيلم. استغل عادل إمام نفس المبدأ الذي حارب به الإسلام المتشدد في أفلامه السابقة ليدافع هذه المرة عن قضية الوحدة الوطنية المهددة بسبب النزاعات الدينية.
تصور لقطة من الفيلم كيف يضع الإمام و القسّ، في مؤتمر عن الأخوة و الوحدة الوطنية، اليد في اليد و يهتفان معا "يحيا الهلال مع الصليب".
يحاول السيناريو أن يكون حياديا اتجاه الطرفين. عادل إمام الذي يتبنى دائما نفس المبدأ دائما نفس المبدأ و كأنّه كان يقول للجمهور المصري: هذا ما ترون، هذا ما يُقَال كلّ يوم في الشارع، و لكم أن تحكموا! السيناريو يمكنه أن يُقرأ بطريقة معقدة قليلا، وهذه القراءة يمكن أن نفهم من خلالها أنّ الظروف قد تدفع بالأشخاص الأكثر تسامحا، في هذه الحالة عائلة الشخصيتين، إلى الانجراف وراء التعصب.
رغم كلّ هذا إلاّ أنّنا نعيش في جو مبسّط جداً الذي لم تساعد كوميدية عادل إمام المشهورة في التعمق فيه أكثر. وأشار بعض النقاد إلى الغياب الكلّي للسلطة التي تُعَدُ القوة الحافظة للنظام فنجدها خارج هذا الصراع الذي لم يحاول فهم جذور التعصب و خاصة أسبابه الاجتماعية و الاقتصادية التي تغذي التصعيدات الدينية المتزايدة أكثر فأكثر.
لقد لاقى الفيلم نجاحا عند المشاهدين و أثار الكثير من الجدل حوله، مع أنّنا نتساءل إذا ما كان هذا الجدل قد أُثير فقط حتى يساهم في دعاية الفيلم. في نفس الوقت، غزت الشكاوي موقع "فايس بوك" و التي نادت المسلمين الحقيقيين إلى مقاطعة "المسيحي عادل إمام". بالنسبة للبعض يجب ملاحقة الممثل الذي قام برجل الدين القبطي بتهمة الردّة لأنه ربما يكون قد اعتنق المسيحية.
لقد انتشر هذا الجدل الحقيقي أو المصطنع حتى قبل بدء تصوير الفيلم وهذا بسبب زيارة النجم المصري البابا القبطي شنودة الثالث. تعتبر هذه الزيارة في مصر اليوم تنازلا غير مقبول في نظر بعض المسلمين وقد اضطر عادل إمام إلى تفسير سبب زيارته وقال أنها لم تكن لطلب مباركة السلطات القبطية و لكنّها كانت مجرد حب استطلاع من مسلم فضولي.
إذا اعتمدنا أفكار شلومو ساند و أيدناه في قوله أن السينما هي التي تُغذي ما يسميه المؤرخ موريس حالبواش "الذاكرة الجماعية" للشعوب، فعلينا أن نقف للحظة أمام الاسم المعطى للنداء إلى التسامح ضد التعصب الديني و الذي يهدد الوحدة الوطنية.
صعب أن لا نتذكر، وسط هذا النجاح الذي لاقاه الفيلم،إنتاج مشهور من أرشيف العصر الذهبي للسينما المصرية. عُرض سنة 1954 في الصالات المصرية فيلم "حسن ومرقص وكوهين" مأخوذ من مسرحية لنجيب الريحاني والتي لاقت نجاحا كبيرا ًسنة 1945.
على نفس مبدأ السيناريو الذي ألقى الضوء على ثلاث تجار من ديانات مختلفة، جاء فيلم "فاطمة و مريكا و راشيل" من بطولة النجمة مديحة يسري التي جسّدت الشخصية المسلمة إلى جانب فنانتين واللاتي مثلنّ الشريحة الشبابية النسائية لتلك الفترة وكان الفيلم من إخراج حلمي رفلة سنة 1949.
ستين عاما بعد قيام دولة إسرائيل و تحديدا لهذا السبب، اختفى كلٌّ من راشيل و كوهين من الصورة التي تنادي بالوحدة الوطنية، أمّا مرقص فمن الواضح أنّه يجب أن يدافع جيّداً عن مكانه إلى جانب حسن في "الشرق الأوسط الجديد".
لمن يريد قراءة المقال الاصلي باللغة الفرنسية يُرجى الضغط على هذا الرابط
ترجمة بن موسى ماحي حسيبة.