السبت، 10 يناير 2009


برابرة... في غزة


تعتبر "جمهورية الكتب" من أهم المدونات الفرنكوفونية ولقد استسلم بيار أسولين إلى رغبته في كتابة مقال ملفت للنظر فعنونه "هل المترجمون الغربيون برابرة ؟" وهو بمثابة تنبيه للقراء ويتناول فيه تصريحات الشاعر القاهري عفيفي مطر الذي أنكر على المترجمين الغربيين حق ترجمة الأعمال الأدبية العربية.
والغريب أن بيار أسولين استند على ترجمة حتى ينقل هذه التصريحات!
http://www.thedailynewsegypt.com/article.aspx?ArticleID=18795
لقد لُخصت دقائق هذا المؤتمر باللغة الانجليزية من طرف مترجم محلي كان على ما يبدو مستعجلاً (فلم يكلف نفسه عناء تصحيح اسم وزيرة الثقافة الجزائرية خليدة تومي التي أخطأ كتابته بالأحرف اللاتينية). واحتوى النص الانجليزي على كل ما قد يرضي القارئ المستعد أصلاً ليأخذ على محمل الجد ما جاء في مقال هذا الصحفي حتى الإشارة المبهمة إلى قمع الشذوذ الجنسي الذي لا يُوجد له أية علاقة بالموضوع على حد علمنا!
يبدو أن مؤتمر "الترجمة وحوار الثقافات" هذا لم يُحرك كثيرا الصحافة المحلية، رغم أن مقالاً على موقع ميدل ايست اونلين يعطينا تفاصيل أكثر.
http://www.middle-east-online.com/culture/?id=71699



إذن ما يستند عليه كاتب "جمهورية الكتاب" لا يمث بصلة لما قيل في المؤتمر! مؤتمر متخصص يرى أن الترجمة قضية وجود . أمّا تومي فترى أن الترجمة سلاح العرب في معركة الكون، وسلماوي( رئيس اتحاد الكتاب العرب) يؤكد أن تجاهلها يقضي على فرص الحوار مع الآخر.
يحاول المقال تلخيص ما جرى التأكيد عليه في المؤتمر من حث على تحريك الترجمة في العالم العربي. وجاء المقال على ذكر جملة قد تكون عنواناً رائعا لمؤتمر قادم تحت سموات أخرى: "طريق الحرير لحوار الحضارات".
ومن بين الملخصات نجد الفقرة التي تخص الشاعر المنتقد اللاذع للمتوحشين وهذا ما جاء فيها: " الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر دق أجراس الخطر، محذرا مما يحدث في المؤسسات الغربية التي تنتقي من الأدب العربي ما يرسخ للصورة النمطية المعروفة عن العرب في الذهنية الغربية باعتبارهم شعوب ألف ليلة وليلة وكل مبدعة هي مجرد شهرزاد. وأشار إلى ضرورة أن يتولي أمر الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى، المؤسسات العربية لأنها الأكثر قدرة علي فرز الإبداع العربي. كما يجب أن نملك خطة واضحة تستهدف تغيير الصورة النمطية التي تطاردنا في كل دول العالم من جراء تلك الترجمات المغرضة."
هل هناك شيء آخر؟ هل ثمة كلمات أخرى قيلت في القاهرة؟
وبغض النظر عن كل ما قيل، نحن نتساءل فيما إذا كان إعطاء هذا النص الانجليزي كل هذه المساحة لا يزيد الطينة بلة و يضيف المزيد من التعقيد إلى "حوار الطُرش" الذي يشهده كل ما هو عربي و مسلم في فرنسا ؟ في حقيقية الأمر أنا أتساءل أيضا إذا ما كان مقال بيار أسولين أحسن مثال عما قاله عفيفي مطر عن أنّنا لا نترجم عن الآخر سوى الصور النمطية وما نريد أن نراه عند الآخر لا غير؟
صباح الثالث من كانون الثاني2009 و بعد مضي ستة عشر شهراً على حصار شعب وحرمانه من الكهرباء ومن الدواء ومن الأمل بكل بساطة فقط لأنه أخطأ وعبّر عن نفسه أثناء انتخابات أقرّ الجميع بنزاهتها ولأوّل مرة، وبعد مضي أسبوع عن قصف أوقع المئات من القتلى، جاء مقال بيار أسولين المكرس للعالم العربي ليفاجئنا وبعنوان يضم كلمة "برابرة" وهو الأمر الذي يصيب بالغثيان!
لمن يقرأ باللغة العربية يبدو له واضحا تماماً أنّ كل هذه الحياة الثقافية التي نحاول إبرازها في مقالاتنا هي نداء للحوار على عكس ما تحاول وسائل الإعلام الترويج له. دعوة يائسة إلى الحوار الذي يواجهه جدار عملاق ينفي البعد الإنساني عن كلّ ما يأتي من هناك.
هذا المقال مهدى إلى أهالي غزة، وفي المقام الأوّل إلى الفنانين الذين ذُكر بعضهم في هذه المدونة: مشهراوي رشيد مخرج فيلم "عيد ميلاد ليلى" و نجوم الراب في غزة والأطفال الذين يلعبون كرة القدم و يرون في أبو تريكة بطلهم المفضل و حسن أبو حفش الخطاط دون أن ننسى أميمة جحا "المتحجبة المسلمة المتعصبة الإرهابية" التي ليست سوى امرأة وفنانة ورسامة كاريكاتير ملتزمة.
الرسم الذي افتتحنا به هذا المقال تحت عنوان "في وجه الصمت العربي" هو آخر ما نجده على موقع أميمة جحا ويعود إلى السابع والعشرين كانون الأوّل 2008 تاريخ بداية القصف الذي تنفذه قوات "الدفاع" الإسرائيلية.
لمن يريد قراءة المقال الاصلي باللغة الفرنسية يُرجى الضغط على هذا الرابط
ترجمة بن موسى ماحي حسيبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق