الخميس، 22 يناير 2009


رقصة الفالس في غزة
في الحادي عشر من شهر كانون الثاني، حاز أري فولمان، مخرج "ارقص الفالس مع بشير"، على الغولدن غلوب في بيفرلي هيلز عن أحسن فيلم أجنبي. ويصوّر الفيلم الكارتوني الذي يمكن اعتباره سيرة ذاتية مجازر مخيمي صبرا وشتيلا عام 1982.
في نفس اليوم سقطت حوالي ستون ضحية في غزة ويرتفع العدد اليوم إلى حوالي ألفين شخص جراء القصف الإسرائيلي وهذا ما أكدت عليه تانيا طبر في مقال لها على موقع "منصات".
http://www.menassat.com/?q=en/news-articles/5744-when-israel-accepts-war-waltz-and-when-it-doesn-t
وقد أيّد أغلب الإسرائيليين العملية العسكرية على قطاع غزة وتشير الإحصائيات إلى أنّ 90% من المواطنين دعموا حكومتهم في حربها (النسبة أقل بكثير ولكن الإحصائيات لا تأخذ بعين الاعتبار رأي عرب إسرائيل).
كيف استطاع "ارقص الفالس مع بشير"، وهو الفيلم الذي ينتقد بصراحة المجازر التي تُرتَكبُ في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، أن يلاقي هذا النجاح في جميع الأوساط وحتى من طرف الجمهور الإسرائيلي؟
بالنسبة لتانيا طبر، التي لم تخف إعجابها بجودة الفيلم، سبب نجاح "ارقص الفالس مع بشير" هو تحميله مسؤولية ما ارتُكب من مجازر في صبرا وشتيلا فقط لميليشيات الكتائب اللبنانية وآرييل شارون الذي أعطى الضوء الأخضر لعملية "التطهير". أمّا بالنسبة للأطفال ذوي التاسعة عشر سنة كالمخرج الذي كان جنديا في الجيش الإسرائيلي حينها، فكلُ ذنبهم أنّهم تواجدوا في المكان الخطأ وفي التوقيت الخطأ.
وتابعت تانيا طبر تقول أنّه تمت سببا آخر جعل المخرج يقدم عملا شخصيا وليس وثائقيا عن تاريخ المنطقة وهذا حتى يعفي إسرائيل من مسؤولية العنف التي ترتكبه ضد اللبنانيين والفلسطينيين الموجودين في لبنان على مر السنين. وبهذا، حتى ولو لم تكن بالضرورة هذه هي وجهة نظر المخرج، فإنّ جنود "جيش الدفاع" يخلون أنفسهم من كل المسؤولية في الحرب القائمة ضد "الإرهاب". ونجد لهذا الموقف انعكاسات على ما يحصل في غزة الآن.
في أخر لقطة من فيلم "ارقص الفالس مع بشير" تترك الصور المتحركة وفجأة المجال لصور من الأرشيف، فنرى فلسطينيات عائدات إلى المخيمات أين يكتشفنّ جثث أقاربهم تملأ الشوارع. تستدير إحداهن للكاميرا وتصرخ ألماً متسائلة: "أين العرب؟ أين هم؟"
وهنا تتساءل أيضا تانيا طبر عن سبب اختتام المخرج أري فولمان لفيلمه بهذه اللقطة.
تتبادر إلى الأذهان أسئلة أخرى على غرار الأسئلة التي يطرحها هذا المقال عن تظاهر 000 400 إسرائيلي في تل أبيب عقب مجازر 1982 بينما تظاهر فقط 000 10 ضد الحرب على غزة (طبعا دون الأخذ بعين الاعتبار، هنا كذلك،000 100 إسرائيلي الذين تظاهروا في سخنين المدينة العربية الواقعة في الجليل) .
في غزة وفي العالم العربي، كثيرون هم من يتساءلون اليوم: "أين العرب، أين هم؟".
لمن يريد قراءة المقال الاصلي باللغة الفرنسية يُرجى الضغط على هذا الرابط
ترجمة بن موسى ماحي حسيبة

السبت، 10 يناير 2009


هل المترجمون الغربيون برابرة؟

حدث هذا في أواخر عام 2008، في مقر إتحاد الكتاب المصريين الواقع في قلعة صلاح الدين بالقاهرة. كان هناك اجتماع سنوي خُصص هذه المرة ل "الترجمة وحوار الحضارات". حضر هذا اللقاء مدعوون من الصين والجزائر وسوريا وروسيا. تناول عدد من الكتاب المصريين المشهورين في كلمة أمام جمهور أغلبه من الكتاب والشعراء وطلاب الأدب مشكلة ندرة ترجمة الأعمال الأجنبية إلى اللغة العربية ومن بين هؤلاء الكتاب نذكر علاء الأسواني صاحب "عمارة يعقوبيان" و"شيكاغو" وجمال الغيطاني صاحب رواية "نثار المحو" التي صدرت ترجمتها باللغة الفرنسية عن دار لوساي وقام بترجمته بطريقة مميّزة خالد عثمان. تجدر الإشارة إلى المداخلة الأكثر إثارة للجدل في هذا اللقاء وهي مداخلة الشاعر المصري محمد مطر عفيفي.
لقد هاجم الشاعر محمد عفيفي مطر بقوة مترجمين النصوص العربية في الخارج وذلك بعد أن قدّم الشكر للجنة التي منحته جائزة عن ديوانه "رباعية الفرح". ويرى الشاعر أنّ الترجمات قد فشلت في إعطاء صورة حقيقية وإيجابية عن العالم العربي. ويُرّوج الأوربيون في ترجماتهم، في رأي عفيفي، لعالم فلكلوري مستوحى من ألف ليلة وليلة وهم بالتالي يفضلون عرض أنماط عن الشذوذ الجنسي وملك الملوك شهريار وهي أكليشيهات لا تمثل الثقافة والتقاليد الإسلامية (وها هو شخص آخر قرأ بسرعة "الإستشراق" 1978 للمرحوم إدوار سعيد). ما الحل إذن في نظر الشاعر؟ الحل هو" أن نعهد كتبنا العربية إلى مترجمين من أبناء شعبنا وليس إلى هؤلاء البرابرة" وأثار هذا الحاضرين. وردا على سؤال وُجه إليه من طرف الصحفيين أوضح الشاعر أنّ المترجمين الغربيين مجرد برابرة لأنهم ينتمون إلى معسكر "القتلة" في إشارة إلى الحرب على العراق وفلسطين. كما ذكرت الصحيفة المصرية التي نقلت دقائق المؤتمر أنّ هذا النقاش جاء في سياق الجدل الكبير القائم حاليا حول وضع الشواذ جنسياً في مصر والذي هزّ مؤخراً الأوساط الثقافية بسبب رواية "عمارة يعقوبيان" والفيلم الذي نقلها إلى شاشات السينما.
(وهذا ما أضافه كاتب هذا المقال رداً على نص للأستاذ إيف غونزلاز كيخانو)
ونجد رواية مختلفة بعض الشيء حول ما دار في مؤتمر "الترجمة وحوار الثقافات" على موقع ميدل اسيت أونلاين باللغة العربية والتي أعتمدت عيها المدونة المتخصصة للمترجم والأستاذ والباحث إيف غونزلاز كيخانو لنقل الحدث. ونرُحّب بملاحظات المدونة ولكنها تبقى مجرد ملاحظات غير مقنعة إلاّ إذا اتهمت مصدري يوسف الفلطس أنّه جاء بتصريحات من خياله ولفّقها وهو الشيء غير صحيح.
لمن يريد قراءة المقال الاصلي باللغة الفرنسية يُرجى الضغط على هذا الرابط
ترجمة بن موسى ماحي حسيبة

برابرة... في غزة


تعتبر "جمهورية الكتب" من أهم المدونات الفرنكوفونية ولقد استسلم بيار أسولين إلى رغبته في كتابة مقال ملفت للنظر فعنونه "هل المترجمون الغربيون برابرة ؟" وهو بمثابة تنبيه للقراء ويتناول فيه تصريحات الشاعر القاهري عفيفي مطر الذي أنكر على المترجمين الغربيين حق ترجمة الأعمال الأدبية العربية.
والغريب أن بيار أسولين استند على ترجمة حتى ينقل هذه التصريحات!
http://www.thedailynewsegypt.com/article.aspx?ArticleID=18795
لقد لُخصت دقائق هذا المؤتمر باللغة الانجليزية من طرف مترجم محلي كان على ما يبدو مستعجلاً (فلم يكلف نفسه عناء تصحيح اسم وزيرة الثقافة الجزائرية خليدة تومي التي أخطأ كتابته بالأحرف اللاتينية). واحتوى النص الانجليزي على كل ما قد يرضي القارئ المستعد أصلاً ليأخذ على محمل الجد ما جاء في مقال هذا الصحفي حتى الإشارة المبهمة إلى قمع الشذوذ الجنسي الذي لا يُوجد له أية علاقة بالموضوع على حد علمنا!
يبدو أن مؤتمر "الترجمة وحوار الثقافات" هذا لم يُحرك كثيرا الصحافة المحلية، رغم أن مقالاً على موقع ميدل ايست اونلين يعطينا تفاصيل أكثر.
http://www.middle-east-online.com/culture/?id=71699



إذن ما يستند عليه كاتب "جمهورية الكتاب" لا يمث بصلة لما قيل في المؤتمر! مؤتمر متخصص يرى أن الترجمة قضية وجود . أمّا تومي فترى أن الترجمة سلاح العرب في معركة الكون، وسلماوي( رئيس اتحاد الكتاب العرب) يؤكد أن تجاهلها يقضي على فرص الحوار مع الآخر.
يحاول المقال تلخيص ما جرى التأكيد عليه في المؤتمر من حث على تحريك الترجمة في العالم العربي. وجاء المقال على ذكر جملة قد تكون عنواناً رائعا لمؤتمر قادم تحت سموات أخرى: "طريق الحرير لحوار الحضارات".
ومن بين الملخصات نجد الفقرة التي تخص الشاعر المنتقد اللاذع للمتوحشين وهذا ما جاء فيها: " الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر دق أجراس الخطر، محذرا مما يحدث في المؤسسات الغربية التي تنتقي من الأدب العربي ما يرسخ للصورة النمطية المعروفة عن العرب في الذهنية الغربية باعتبارهم شعوب ألف ليلة وليلة وكل مبدعة هي مجرد شهرزاد. وأشار إلى ضرورة أن يتولي أمر الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى، المؤسسات العربية لأنها الأكثر قدرة علي فرز الإبداع العربي. كما يجب أن نملك خطة واضحة تستهدف تغيير الصورة النمطية التي تطاردنا في كل دول العالم من جراء تلك الترجمات المغرضة."
هل هناك شيء آخر؟ هل ثمة كلمات أخرى قيلت في القاهرة؟
وبغض النظر عن كل ما قيل، نحن نتساءل فيما إذا كان إعطاء هذا النص الانجليزي كل هذه المساحة لا يزيد الطينة بلة و يضيف المزيد من التعقيد إلى "حوار الطُرش" الذي يشهده كل ما هو عربي و مسلم في فرنسا ؟ في حقيقية الأمر أنا أتساءل أيضا إذا ما كان مقال بيار أسولين أحسن مثال عما قاله عفيفي مطر عن أنّنا لا نترجم عن الآخر سوى الصور النمطية وما نريد أن نراه عند الآخر لا غير؟
صباح الثالث من كانون الثاني2009 و بعد مضي ستة عشر شهراً على حصار شعب وحرمانه من الكهرباء ومن الدواء ومن الأمل بكل بساطة فقط لأنه أخطأ وعبّر عن نفسه أثناء انتخابات أقرّ الجميع بنزاهتها ولأوّل مرة، وبعد مضي أسبوع عن قصف أوقع المئات من القتلى، جاء مقال بيار أسولين المكرس للعالم العربي ليفاجئنا وبعنوان يضم كلمة "برابرة" وهو الأمر الذي يصيب بالغثيان!
لمن يقرأ باللغة العربية يبدو له واضحا تماماً أنّ كل هذه الحياة الثقافية التي نحاول إبرازها في مقالاتنا هي نداء للحوار على عكس ما تحاول وسائل الإعلام الترويج له. دعوة يائسة إلى الحوار الذي يواجهه جدار عملاق ينفي البعد الإنساني عن كلّ ما يأتي من هناك.
هذا المقال مهدى إلى أهالي غزة، وفي المقام الأوّل إلى الفنانين الذين ذُكر بعضهم في هذه المدونة: مشهراوي رشيد مخرج فيلم "عيد ميلاد ليلى" و نجوم الراب في غزة والأطفال الذين يلعبون كرة القدم و يرون في أبو تريكة بطلهم المفضل و حسن أبو حفش الخطاط دون أن ننسى أميمة جحا "المتحجبة المسلمة المتعصبة الإرهابية" التي ليست سوى امرأة وفنانة ورسامة كاريكاتير ملتزمة.
الرسم الذي افتتحنا به هذا المقال تحت عنوان "في وجه الصمت العربي" هو آخر ما نجده على موقع أميمة جحا ويعود إلى السابع والعشرين كانون الأوّل 2008 تاريخ بداية القصف الذي تنفذه قوات "الدفاع" الإسرائيلية.
لمن يريد قراءة المقال الاصلي باللغة الفرنسية يُرجى الضغط على هذا الرابط
ترجمة بن موسى ماحي حسيبة